من الجلي أن التداول في أسواق الفوركس وتبادل أزواج العملات الأجنبية يحتاج إلى ثقة كبيرة وخبرة ومعرفة لتحقيق الأهداف المنشودة والبقاء في أسواق الفوركس، ويعتبر تداول الفوركس من أصعب المسارات المهنية التي يجب سلكها.
وكحقيقة مسلم بها، ليس هناك أي شيء يسمى باستراتيجية تداول مؤكدة لكي تكون استراتيجية مربحة في أسواق تداول أزواج العملات الأجنبية، الأمر كله متعلق بالبحث واكتشاف عمليات تداول ذات احتمالية مؤكدة عالية، وعلى الرغم من كل هذا، فالنتيجة النهائية دائمًا ما تكون غير متوقعة ولا يمكن التنبؤ بها، فكما تفوز في بعض الصفقات، قد تخسر في بعض الصفقات الأخرى، والجدير بالذكر، أن الحالات النفسية للمتداولين قد تؤثر بشكل كبير على عمليات التداول في عالم الفوركس، كالطمع، أو الخوف، أو الغضب، ولكن ما هو تأثير علم النفس في تداول الفوركس؟
قد يعزي العديد من خبراء تداول الفوركس السبب في فقدان المتداولين لثقتهم في تداول الفوركس إلى افتقادهم للخبرة في استخدام استراتيجيات التداول، ولكن من المهم أيضًا تحسين سيكولوجية التداول الخاصة بالمتداولين، وتنمية ثباتهم العقلي لتحقيق مرادهم وأهدافهم المرجوة.
كلما كانت ثقة المتداولين بالنفس أكبر، كلما كانت لديهم القدرة على التركيز بنشاطهم وتحسين أداءهم وابتعادهم عن أفكارهم السلبية التي قد تسبب الخوف والقلق، الأمر لا يحتاج إلى إلى المزيد من الشجاعة وكسر حاجز الخوف، والسبيل الوحيد لذلك من خلال الممارسة الكافية ورفع ثقتك في التداول.
ولكن هل من المحتمل أن تظل واثقًا حتى لو تعرضت للخسارة أكثر من مرة؟ سنتطرق في مقالنا هذا للحديث عن بعض الأمور التي ستساعد المتداولين للبقاء واثقين من أنفسهم، ومنها ما يلي:
التركيز على العملية وليس على الربح
قد نلاحظ اختيار المتداول لتداول أزواج العملات الأجنبية بهدف حصد المزيد من المكافآت، ولكن التركيز على العوائد المالية قد يكون له سلبيات أكثر من الإيجابيات.
يخيم على سوق الفوركس سمة التقلب الشديد وعدم اليقين، فدائمًا النتائج ما تكون غير متوقعة، والحقيقة أنه لا توجد طريقة مؤكدة لتحقيق نسبة ربح عالية في عمليات التداول، ففي حال كانت هدفك هو الربح، فقد يسهم ذلك في فشل خطة التداول الخاصة بك، فمثلًا، قد قم بعمل خطوتين وحققت من خلالهم ربحًا كبيرًا خلال يوم واحد فقط، وفي هذه الحالة قد تشعر بأن السوق يعمل لصالحك، ولكن ما لا تعرفه أن السوق قد بدأ بالفعل بالانعكاس ودخل في حالة تقلب، وكل المبالغ والمكاسب التي حصدتها، من المحتمل فقدانها خلال ثوان معدودة.
في حال حدث ذلك، ستدخل في حالة حزن، ثم ستبدأ في التداول بهدف الثأر دون تفكير، وكل ما يجول في خاطرك هو استرداد مخاسرك، وستبدأ في عمليات التداول دون القدرة على اتخاذ قرارات تداول صحيحة، والنتيجة في النهاية هي المزيد من الخسائر.
وللتغلب على ذلك، ركز على العملية نفسها، وضع لنفسك خطة جيدة للتداول، سواء كانت النتيجة الخسارة أو الربح، فالخطة هي التي ستحدد وقت فتح الصفقات وإغلاقها، ومتى تتوقف عن التداول ومتى تبدأ، وبهذا ستحافظ على حسابك آمنًا، وحتى لو تعرضت للخسارة، فإن حسابك سيكون آمن، ولن تتعرض للمزيد من الخسائر، وسيكون بإمكانك أيضًا التداول لعدة أيام، لذا كن متداولًا ثابتًا، والربح سيكون أمر حتمي.
استمر في التداول
على غرار الأنشطة والرياضات الأخرى التي تفضل القيام بها، تأكد أن الممارسة تجعلك تتقن كل شيء، فمثلًا لو أردت أن تصبح فنانًا، فعليك التدرب بشكل يومي على الغناء أو العزف على آلة موسيقية لكي تجيد الغناء، فليس هناك من ولد متقنًا لهواية أو مهنة معينة، فقد قضى كل رياضي مشهور الكثير من الوقت للتدرب والممارسة، وكذلك الفنان والموسيقار وغيرهم ليتقن مهنته، وهذا تمامًا ينطبق على عالم التداول في أسواق الفوركس، فكلما مارست وبذلك المزيد من الوقت والجهد، كلما تعلمت وأصبحت أفضل في فتح وإغلاق الصفقات وتحقيق الأهداف المنشودة بشكل متكامل، ومع مرور الوقت، ستجد نفسك أكثر قدرة على التعامل مع تقلبات السوق، كما أن عقلك سيبدأ بإعطائك إشارات لا إرادية لاتخاذ القرارات الصحيحة في الوقت المناسب.
ولكن السر هنا يكمن في ثقتك بنفسك، لذا قم بإعداد نفسك جيدًا في المجال الذي ترغب أن النجاح به، وحتمًا ستحقق المراد خلال وقت نسبي.
فكر بطريقة إيجابية
من أهم الأمور الواجب اتباعها عند التداول في أزواج العملات الأجنبية هو التكفير بإيجابية، فعملية التفكير تمثل استراتيجيات التداول وخططها، ففي حال كنت تطمح لأن تكون واثقًا من نفسك ومهاراتك، فالتفكير بطريقة إيجابية سوف يحسن نظرتك لحياتك ولعمليات التداول في أسواق الفوركس.
لربما تتابع بعض الشخصيات الناجحة في حياتها، فالأمر لا يقتصر فقط على نجاحهم في حرفتهم أو مهنتهم بل السر يكمن في طريقة تفكيرهم التي غالبًا ما تكون السبب في رفاهيتهم، فكل ما يدور في عقلك، بكل تأكيد سوف يتحقق، ففي حال كنت مستعدًا لاستقبال المطر، فحتمًا ستمطر، ولكن إن ركزت على الجانب السلبي، فالمزيد من الأشياء السلبية ستجدها أمامك.
في عالم تداول أزواج العملات الأجنبية، قد يكون التفكير بإيجابية أمرًا صعبًا في بداية الأمر، خاصة إن كان لديك بعض التجارب السلبية، ولكن بدلًا من التفكير بالخسارة، حاول استغلال هذه الفرصة وتعلم من أخطائك، فالتفكير بطريقة إيجابية هو أفضل طريق لطرد الحزن والسوء من حياتك.
دائمًا اهتم بأفكارك، وأجعل الجانب المشرق من حياتك مرافقًا لك في عملك وحياتك، ففي حال ساد لديك الاعتقاد بأنك متداول محترف وناجح في مجالك، فحتمًا ستكون ناجحًا بأعمالك.
الخلاصة
التداول في أسواق العملات الأجنبية والرقمية يحتاج إلى ذكاء واستراتيجيات واضحة لتحقيق أفضل النتائج، وكثيرًا ما ينصح الخبراء بضرورة الممارسة والتدرب قبل الدخول إلى عالم الفوركس والتداول في البورصات والأسواق المالية، فبدون الخبرة والمعرفة الكافية، لن تتمكن من تحقيق مرادك، والخبرة والمعرفة لا تأتي من فراغ، ولا في ليلة وضحاها، إنما تحتاج إلى ممارسة وتدرب وربح وخسارة لكي تصبح محترفًا قادرًا على قراءة السوق، وتجنب المخاطر التي قد تنجم عن حالات التقلب التي تحدث في الأسواق.
في حال الربح أو الخسارة، دائمًا حاول التحكم في مشاعرك وسلوكياتك، فكثيرًا ما يكون الخوف عاملًا رئيسيًا في خسارة الصفقات الرابحة، وقد يكون الطمع أو الغضب أو السعادة هي أحد الأسباب التي جعلت تجازف بكل ما تملك، فقد تربح وقد تخسر، ولكن تداول بحكمة وبناءً على حقائق واستراتيجيات لكي تحقق أهدافك التي تتطلع إليها.