خوفًا من الشح في في كل من الفحم والغاز بالهند، والصين، وأوروبا، تحول المستهلكين لاستخدام الديزل، والوقود من أجل توليد الطاقة، الأمر الذي ترتب عليه ارتفاعًا في أسعار النفط هو الأعلى منذ سنوات.
واصلت أسعار النفط الصعود لأعلى بدءً من الأسبوع الماضي حتى هذه اللحظة، لتبلغ في ذلك أعلى مستوى لها مع توقعات باستمرار انخفاض الإمدادات العالمية وازدياد الطلب على الوقود في كل من الولايات المتحدة والعديد من الدول الأخرى في العالم، ويأتي ذلك تزامنًا مع حالة الانتعاش الاقتصادي بعد حالة الركود التي نجمت عن جائحة كوفيد-19.
وسجلت العقود الآجلة لخام الوسيط الأمريكي “غرب تكساس” 0.7% إلى 84.3 دولار للبرميل الواحد في تمام الساعة السادسة والنصف مساءً بتوقيت غرينتش، يذكر أنها أيضًا سجلت ارتفاعًا بنسبة 1.5% يوم الجمعة المنصرم، وفي وقت سابق، لامست أعلى مستوى لها منذ عام 2014 وصولًا للنقطة 84.7 دولار.
محللون: ارتفاع أسعار النفط والفحم قد ينذر بكارثة
بحسب ما صرحت به شركة وساطة أجنبية يوم الخميس الماضي، قالت بأن النمو السريع في أسعار السلع قد يعرض الهند لمخاطر لا تحمد عقباها تشمل ارتفاع مستويات التضخم والنمو.
المحللون في شركة “Morgan Stanley” الأمريكية للخدمات والاستشارات المالية أكدوا على أن هناك ارتفاع بنسبة 14% على أسعار النفط ليصل سعر البرميل الواحد 83 دولارًا، و15% على أسعار الفحم، ليصل سعر الطن المتري للفحم حوالي 200 دولار أمريكي.
وأكد المحللون على أن الارتفاع في أسعار سلع الطاقة، وتحديدًا في أسعار النفط، أثار مخاوف لدى العديد من الدول من زيادة معدل التضخم وبطء عملية النمو، مؤكدين أن ذلك قد يؤدي لتعطيل السياسة النقدية.
وأضافوا، أن المخاطر من زيادة معدل التضخم ما زالت تراوح مكانها، وأن النمو لن يشهد تحسنًا إلا من خلال تحسين معدل النمو السنوي المركب ولمدة عامين، الأمر الذي قد يؤدي إلى تطبيع السياسة الحالية.
وبحسب ما يراه المحللون، فإنه من المتوقع أن يتراجع معدل التضخم إلى 5.5% في نهاية شهر مارس في العام القادم، ويأتي هذا التوقع بعد أن استمر معدل التضخم تحت مستوى الـ 5% في القراءات القليلة المقبلة، وأشاروا إلى الاستمرار في ارتفاع أسعار الطاقة، وتحديدًا أسعار النفط قد يؤدي لزيادة مخاطر التضخم.
وحسب قولهم، فإن ارتفاع أسعار النفط بنسبة 10%، قد يؤدي لزيادة معدل التضخم في مؤشر أسعار المستهلكين بنسبة 0.40%، ومن جانب ميزان الحساب الجاري، وبالنظر لاستيراد الهند 80% من الطلب على النفط، فمن المرجح أن ترتفع أسعار النفط بنسبة 10%، الأمر الذي قد يزيد نطاق التعاون القطري بنسبة 0.30% من الناتج الإجمالي المحلي، وعلى الرغم من ذلك، فإن الصادرات الجيدة ستضمن بقاء فجوة في ميزان الحساب الجاري مقيدة بنسبة 1% في نهاية السنة المالية.
البنك الدولي: توقعات بعد ارتفاع اسعار النفط
أعلن البنك الدولي يوم الخميس المنصرم أن زيادة الارتفاع على أسعار النفط العالمية لربما يهدد النمو العالمي، وأكد البنك على أنه من المحتمل أن تستمر هذه الأسعار بالصعود حتى عام 2023.
ووفقًا لتوقعات البنك الدولي بالنسبة لأسواق السلع، فمن المرجح أن تقفز أسعار الخام في نهاية العام الجاري لـ 70 دولارًا للبرميل الواحد، أي بنسبة أعلى بـ 70% من أسعار العام الماضي، وبحسب ما صرح به خبير الاقتصاد في البنك الدولي “أيهان كوسه”، أكد على الارتفاع الكبير في أسعار الطاقة قد يشكل خطرًا كبيرًا على التضخم عالميًا خلال الأشهر القليلة القادمة، وفي حال استمر ذلك، فمن المحتمل أن يشكل خطرًا أيضًا على معدل النمو في الدول التي تستورد الطاقة.
وبحسب توقعات البنك الدولي، فإنه من المرجح أن يصل متوسط السعر في حلول عام 2022 إلى 74 دولار للبرميل الواحد، قبل أن يبدأ بالتراجع إلى 65 دولار في حلول عام 2023.
تهديدات محتملة تسببها اسعار النفط المرتفعة
ارتفاع أسعار النفط يشير بالدرجة الأولى إلى الواقع المعاش وبقوة كبيرة، ولكن ما زالت حالة الأسواق الدولية مختبئة تحت عباءة الغموض خاصة الأسواق الأمريكية والصينية، فالصين تعاني منذ فترة من أزمة حادة في إمدادات موادها الأولية بشكل عام، وفي الطاقة بشكل خاص، الأمر الذي قد يؤثر سلبًا على إنتاجها وصادراتها الدولية، كما أن أمريكا تبذل جهودًا كبيرة من أجل إنعاش اقتصادها الأمريكي في الأزمة الكبيرة المتعلقة بالديون المتراكمة والتي تزداد يومًا بعد يوم، وتجاوزت بذلك إجمالي ناتجها المحلي.
التهديد المحتمل حدوثه هو استمرار أسعار النفط بالارتفاع والصعود لأعلي في الأسواق الدولية، وزيادة حدة الأزمة التي تعاني الصين، ثاني أكبر دول العالم اقتصادًا، ودخولها في أزمة عالمية، ففي ظل ما تتعرض له أكبر شركة صينية للعقارات من ديون متراكمة تجاوزت حاجز الـ 300 مليار دولار، أصبحت معرضة لإعلان إفلاسها أكثر من أي وقت مضى، وهذا قد يعيد بنا الذاكرة إلى عام 2008، عندما عاش العالم أزمة مالية كانت بدايتها من أمريكا، وامتدت آثارها السلبية لتشمل جميع اقتصادات العالم.
الجدير بالذكر، أنه في حال لم يحدث مثل هذا التهديد ولم تنعكس آثار هذه الأزمة على العالم، فمن المرجح أن تقتصر سلبياتها على الصين، الأمر الذي قد ينعكس أيضًا وبشكل سلبي على الطلب على النفط، وبالتالي قد تعود أسعاره للهبوط مرة أخرى في الأسواق الدولية.
ما هي أهمية النفط العربي؟
للنفط العربي أهمية إستراتيجية كبيرة، تتمثل أهميته على الصعيد العالمي وعلى صعيد الاقتصاد العربي النفطي، ووفقًا لإحصائيات التقارير الاقتصادية العربية للعام الماضي، تبين أن الدول العربية النفطية تمتلك حوالي 56.5 في المائة من الاحتياطي النفطي على مستوى العالم، فضلًا عن امتلاكها أكثر من 26.6 من احتياطي العالم من الغاز الطبيعي.
وعلى صعيد الإنتاج، يمثل النفط العربي أهمية قصوى، حيث تقدم الدول العربية ما مقداره 28.4% من حجم إنتاج النفط العالمي، وأكثر من 14.8% من حجم الإنتاج العالمي للغاز.
بايدن: يتوقع أن انخفاض أسعار النفط بدءً من العام المقبل
توقع الرئيس الأمريكي “جو بايدن” أن أسعار النفط قد تبدأ بالانخفاض بدءً مطلع العام القادم، وعلى عكس كل التوقعات، على الرغم من إيمانه بأن ذلك أمرًا صعبًا، إلا أنه ليس مستبعد، وأكد بايدن على أن هبوط أسعار النفط متوقف بشكل كبير على الإجراءات التي قد تتخذها السعودية.
وأَضاف في حديث خاص مع شبكة “سي إن إن”، قائلًا أن هناك العديد من الأشخاص الذي يحاولون التحدث معه، ولكنه ليس متأكد إن كان بإمكانه التحدث معهم، وأكد على الأمر كله متعلق بإنتاج النفط، وأن هناك العديد من الأشياء التي يجب العمل عليها في هذا الصدد، وأشار أيضًا إلى ارتفاع الأسعار لن يدوم طويلًا، ولكن بكل تأكيد ليس في الوقت الحالي.