في ظل تطور الذكاء الاصطناعي اليوم، أصبحت تقنية “بلوكتشين” تلعب دورًا هامًا في العديد من المجالات المختلفة، كالتعليم، والصناعة، القطاع التجاري والمالي، والكثير من المجالات الأخرى.
برزت تقنية “بلوكتشين” في عام 2009، وكانت السبب الرئيسي وراء ظهور العملات الافتراضية الرقمية، كعملة البيتكوين، والإيثريوم، والريبل، وغيرها من العملات الأخرى التي تبنى بالأساس على هذه التقنية والتي بدورها تساهم في معالجة وتتبع الصفقات وتدوينها في سجل إلكتروني لكي تتيح للأفراد إمكانية تتبع المعلومات والبيانات من خلال شبكة آمنة دون وجود طرف ثالث.
استخدامات تقنية “البلوكتشين”
تعمل تقنية “بلوكتشين” على تسجيل البيانات وتشفيرها بطريقة يصعب اختراقها أو الوصول إليها من خلال طرف ثالث، وتحتوي التقنية على قاعدة بيانات يتم تخزينها بصورة نموذجية.
تساهم تقنية “بلوكتشين” في حفظ المعاملات المالية والتعاملات الرقمية المشفرة في جميع أنحاء العالم، وتوفر الدعم اللازم لتتبع حركة المعاملات دون الحاجة لوجود نقطة مركزية.
تستخدم تقنية “البلوكتشين” في العديد من البلدان، كالهند، وشرق إفريقيا، وكينيا، في تتبع الخدمات المصرفية، والمالية، وسلاسل الكتل، والتجارة الزراعية، وتخزين سجلات الملكية للأراضي، وغيرها.
ماذا تعرف عن تقنية “بلوكتشين”؟
تعرف تقنية “بلوكتشين” بأنها تقنية غير مركزية، تعمل على تخزين وحفظ البيانات والمعلومات في سجل عام ويتم مزامنته مع الحواسيب المرتبطة بتقنية “البلوكتشين” في مختلف أنحاء العالم من خلال الشبكة، مما يساعد في وجود مصدرًا واحدًا للبيانات، ولا يمكن بأي حال من الأحوال التلاعب بها، الأمر الذي يضمن تحقيق أقصى درجات الأمن والحماية العالية دون الحاجة لوجود طرف ثالث، كالبنوك، أو المؤسسات، وغيرها.
تعتبر تقنية “البلوكتشين” في الوقت الحالي من أكثر التقنيات الآمنة، وتحتوي كل كتلة من تقنية “بلوكتشن” على سجل خاص للمعاملات يسمى بـ “الدفتر الأستاذ” اللامركزي، وتحفظ جميع الكتل في شبكة تعمل من نظير لنظير دون وجود نقطة مركزية أو طرف ثالث.
تطبيقات تقنية “بلوكتشين”
تساهم تقنية “البلوكتشين” في تقديم الدعم اللازم في عمليات التتبع اللامركزية، والمجهولة الهوية، والمعاملات المالية، والعملات الرقمية المشفرة في جميع أنحاء العالم، وعلى الرغم من أن هذه التقنية مرتبطة بعمل العملات الرقمية المشفرة، إلا أن وظائفها اليوم تجاوزت عالم العملات الرقمية المشفرة، حيث أظهرت العديد من الحكومات، والمؤسسات المصرفية، والشركات التكنولوجية الرائدة، والشركات المالية اهتمامًا بالغًا بهذه التقنية.
أصبحت تقنية “بلوكتشين” اليوم تستخدم في العديد من المعاملات المالية، كالتأمين، وإدارة العقارات، وإدارة التمويل المالي، والبيانات، وغيرها، ومن المتوقع أن تستمر هذه التقنية في الإنخراط في العديد من مجالات الحياة، خاصة مجال المال وريادة الأعمال.
وما تجدر الإشارة إليه هنا، أن هناك استخدام مهم جدًا لهذه التقنية اليوم موجود خارج مجال الأعمال التقليدية، حيث تستفيد العديد من الاقتصادات الناشئة في العالم من تطبيق تقنية “البلوكتشين” بطرق مختلفة، فعلى سبيل المثال، في الهند، وكينيا، وشرق إفريقيا، تستخدم تقنية “بلوكتشين” في الخدمات المالية والمصرفية، وفي إدارة سلاسل التوريد، وفي المجالات الزراعية، وفي إدارة سجلات الملكيات، كالعقارات والأراضي، وغيرها، كما وساهمت التقنية في تسريع المعاملات المالية وتقليل تكلفتها، وتعزيز الشمول المالي من خلال إتاحة المزيد من الفرص للأشخاص الذين يجدون صعوبة في الوصول للخدمات المالية.
الوصول للخدمات المالية والمصرفية
ساهمت تقنية “بلوكتشين” في التغلب على التحديات التي كانت ترافق العديد من الأفراد للوصول للخدمات المالية والمصرفية، فبفضل التقنية التكنولوجية الجديدة، أصبح بإمكان الأفراد في العديد من البلدان والقرى الوصول للخدمات المالية والمصرفية، خاصة لأولئك العاملين في الاقتصادات الناشئة في ظل عدم وجود البنوك والمؤسسات المالية، أصبح اليوم من السهل جدًا الاستفادة من خدمات تقنية “بلوكتشين” وتحويل الأموال بنقرة زر واحدة لجميع أنحاء العالم، دون رسوم أو عمولات، ودون تأخير.
الهند
وقعت شركة البرمجيات “ConsenSys Ventures” مع مركز أبحاث سياسات الحكومة الهندية “NITI) Aayog)” إتفاقية لتطبيق تقنية “بلوكتشين” في مشاريع تمليك العقارات والأراضي، كما ووقعت شركة البرمجيات اتفاقية مع حكومة ولاية “أندرا براديش” لتطبيق تقنية “بلوكتشين” في تسجيل بيانات سندات الملكية للأراضي، وسلاسل التوريد، والمجالات الصحية، كتخزين بيانات المرضى والسجلات الطبية.
افريقيا
ساهمت شركة (المؤسسة الدولية للحاسبات الآلية) “IBM” بالشراكة مع شركة “Twiga Foods” (شركة أغذية تعمل على ربط المزارعين بالأسواق العصرية بطريقة موثوقة، وتوفر للكينيين سلسلة إمدادات كاملة من الأغذية والمنتجات الزراعية) في تقديم قروض مالية لتمويل المشاريع الصغيرة للباعة، بهدف مساعدتهم على شراء وإدارة مخزونهم الزراعي، وما تجدر الإشارة إليه هنا، أن شركة “IBM” اعتمدت بشكل أساسي على تقنية “بلوكتشين” في تقدم القروض المالية من أجل تحقيق مبدأ الجدارة الائتمانية والحماية والأمان لسياسة الإقراض وضمان وصولها لبائعي المنتجات الغذائية.
لا يقتصر الأمر فقط على كينيا، ففي نيجيريا، طبقت تقنية “بلوكتشين” في مراقبة وتتبع مستويات السموم على طول نهر النيجر، وتعتمد العديد من المؤسسات الدولية والمنظمات الممولة لهذا النوع من المشاريع على تقنية “بلوكتشين” لتسجيل البيانات والمعلومات والتقارير الخاصة بالمشروع.
هايتي
على مدار السنوات الماضية، عانت (هايتي) إحدى جزر الكاريبي من العديد من الزلازل، والأعاصير، ونتيجة لذلك، قدمت الحكومة الهايتية مقترحًا من أجل تطبيق تقنية “بلوكتشين” في تسجيل بيانات الأفراد، والمعاملات المالية، ومعاملات ملكية الأفراد، وغيرها.
في عام 2019، أعلن البنك المركزي لجمهورية هايتي عن إطلاق برنامج تجريبي مستخدمًا تقنية “بلوكتشين” في انشاء نسخة رقيمة من العملة الهايتية ” Gourde“، بهدف إدارة أنظمة الدفع المحلية وتعزيز الشمول المالي في الجمهورية.
ما هو مستقبل تقنية “بلوكتشين” في الاقتصادات الناشئة؟
وفقًا لما صرح به رئيس قسم الأبحاث والتحليلات في البنك الاستثماري “Tellimer” سابقًا، أكد على أن البلدان الناشئة ستكون من أكثر المستفيدين من التقنية التكنولوجية “بلوكتشين”، وبرهن ذلك قائلًا، أن الأسواق الحدودية في افريقيا، وجنوب آسيا، وأمريكا اللاتينية متأخرة جدًا في تسجيل ملكية الأراضي، مؤكدًا على أن استخدام تقنية “بلوكتشين” ستساعد كثيرًا في تحسين الأداء وتسجيل الملكيات للأفراد.
كما وأعرب “مارك دوميت” مدير برنامج منظمة العفو الدولية عن دعمه الكامل لتقنية “بلوكتشين” في الجهود التي تبذلها العديد من الدول والمؤسسات للتغلب على المشاكل التي تعاني منها البلدان النامية، وأضاف دوميت، بأنه يجب الحذر أثناء اللجوء للحلول التكنولوجيا للتغلب على المشاكل التي تعاني منها البلدان النامية، خاصة السياسية والاقتصادية، مؤكدًا على أن تقنية “بلوكتشين” ساهمت في حل العديد من المشاكل.
ختامًا، على الرغم من التطبيقات العديد للتقنية التكنولوجية البارزة “بلوكتشين”، يعتقد مؤيدو التقنية أنه من المحتمل أن تعتمد حكومات الدول النامية قريبًا التقنية التكنولوجيا في تعزيز حريات التعبير والآراء، ومكافحة أنشطة الفساد في المؤسسات الحكومية، والعديد من الخدمات الأخرى.