من المعروف أن تنظيم واستضافة الأحداث الرياضية مثل البطولات والمسابقات الرياضية المختلفة، يحقق الكثير من العوائد المالية، ولهذا قامت العديد من دول العالم العربي وبالتحديد دول الخليج في السنوات الأخيرة الماضية، بضخ أموال ضخمة في القطاع الرياضي، لتحسين خدمات النوادي الرياضية وإقامة ملاعب كرة قدم جديدة، مما نتج عنه توفير فرص عمل كبيرة للشباب، وقبل كل هذا استضافة العديد من الأحداث الرياضية الدولية الهامة على أراضيها، تحقق منها الدول أرباح مالية طائلة وعوائد عالية، وخاصة إذا كانت لدى هذه الدولة نظرة ثاقبة ورؤية استثمارية واضحة وقدرة للإدارة المالية الرياضية.
ولعل من أشهر هذه الأحداث التي تم استضافتها في دول الخليج سباقات سيارات السرعة (فورمولا وان)، والتي تقام في مدينة دُبي بدولة الإمارات المتحدة، والتي قامت بتجهيز الطرق والمسارات التي تمر بها، وكما أنه من المقرر أن تستضيف دولة قطر تنظيم مونديال كأس العالم لكرة القدم 2022، والتي أنفقت من أجل تنظيمها أموال كثيرة استعداداً لها، أيضاً تعتبر عروض WWE لمصارعة المحترفين التي تحظى بشهرة وشعبية هائلة في كل دول العالم، من أهم الأحداث الرياضية التي نجحت المملكة السعودية في استقاطبها لتقام على أراضيها، حيث تعاقدت الهيئة العامة للرياضة السعودية مع مؤسسة WWE الأمريكية، على إقامة عروضها في المملكة بداية من عام 2014، الأمر الذي يؤدي الى دعم اقتصادي هائل لهذه البلدان والذي يخلق معه ملايين فرص العمل للشباب في هذه الدول، مثل عمل الإدارة المالية الرياضية.
ماذا تعني الإدارة المالية الرياضية؟
تشير الإدارة المالية الرياضية إلى الموازنات وتنظيم الموارد المالية مقابل معدل الإنفاق في المؤسسات الرياضية، والتي تساعد المؤسسة في تحقيق ربح مادي، والتي يقوم بها خبراء ماليين ومحاسبين، وحتى تنجح وتنمو أي مؤسسة رياضية، لابد أن يكون لديها القدرة والكفاءة على الإدارة المالية الناجحة، والتوفيق بين المديرين الماليين مع باقي الأطراف في المؤسسة الرياضية، لأن الإدارة المالية متداخلة في كل جوانب المؤسسة، ومهمة الإدارة المالية الرياضية القيام بالتالي:
- وضع ميزانية المؤسسة وتخطيط ووضع الاستراتيجيات،
- إعداد التقارير والتحليل المالي،
- القدرة على خفض معدل الإنفاق،
أما كيفية قيام الخبراء الماليين في المؤسسات الرياضية بوضع الموازنة والتوفيق بين الموارد ومصادر الدخل مع جهات الإنفاق لتحقيق توازن بين كافة فروع وأقسام المؤسسة، هذا ما سنعرفه فيما يلي في المقال.
التخطيط والاستراتيجية ووضع الموازنة في الإدارة المالية الرياضية
في مقدمة مهام الإدارة المالية في قطاع الرياضة، تأتي مهمة تحديد طبيعة العمل المالي التي تقوم به المؤسسة، سواء كان شراكة أو تعاونية أو منظمة خدمية غير ربحية.
حتى تتمكن الإدارة المالية لأي مؤسسة رياضية أن تنجح في عملها، يجب أن تقوم بفحص الدفاتر والسجلات المالية السابقة، حتى يمكن وضع البرامج المالية للفترة القائمة، أيضاً يجب تحديد الصناديق المالية للتمويل المتاحة لمعرفة طريقة تخصيص جيدة لها، أما عملية وضع استراتيجية وخطة جديدة من البداية لوضع برنامج جديد، يحتاج التشاور مع أصحاب المصلحة وملاك للمؤسسة، حتى يمكن تخصيص أفضل الموارد ومصادر التمويل.
مهمة وضع استراتيجية مالية تعتمد على ما يلي:
تعتمد مهمة وضع إستراتيجية مالية على التعرف على المسؤوليات المالية الخارجية المطلوب الالتزام بها من المؤسسة من خلال فحص القرارات السابقة، بالتوازي مع تحديد الالتزامات المالية الداخلية للمؤسسة الرياضية، والتي تشمل كافة نفقات المؤسسة مثل التأمينات، تكلفة السفر والإقامة، نفقات التسويق، تكلفة المعدات والأجهزة الرياضية، رواتب العاملين، تمويل الترقيات، تكلفة المكان. مقابل ذلك يتم حساب الموارد المتوقعة التي قد تأتي من الإيرادات أو التبرعات، ومبيعات التذاكر للجمهور، رسوم العضوية، قيمة المبيعات من الملابس ومطاعم المؤسسة.
بعد تحديد ما سبق من موارد مقابل النفقات للمؤسسة الرياضية، يتم وضع لوحة تحكم لتنظيم عرض المعلومات المالية على أصحاب أو مدراء المؤسسة، حتى تكون سهلة في العرض والقراءة والفهم. وفي نفس الوقت يكون خبراء التمويل الرياضي على علم وفهم كامل بكل اللوائح التي تتعلق بالإدارة المالية في مؤسستهم الرياضية، بحيث تكون كل الخطوات التي يقومون بها لتوفير تمويل وموارد مالية للمؤسسة وفق القانون، حتى وإن كانت هذه المؤسسة فرع أو جزء من مؤسسة أكبر، من الضروري الالتزام بقواعدها تماماً. كما يجب الوضع في الاعتبار حجم المخاطر الذي يحمله كل قرار يتم اتخاذه لتوفير موارد مالية للمؤسسة.
معدل الإنفاق في المجال الرياضي
تتميز الإدارة المالية الرياضية الناجحة بقدرتها على اتخاذ قرارات مبتكرة تعمل على تعزيز قيمة المؤسسة ورفع شأنها، ومن المؤكد أن طبيعة عمل الخبراء الماليين في المؤسسات الرياضية، تتطلب منهم التعاون مع أقسام وجهات أخرى في المؤسسة، حتى يمكنهم وضع استراتيجية انفاق ناجحة ومتوازنة، وقد تدور المناقشات بينهم حول الاستراتيجيات التالية:
- البحث عن موارد جديدة لدعم الموازنة، مثل عمل تطبيق إلكتروني للهاتف الجوال لدعم عمليات البيع.
- وقف المصروفات الغير ضرورية للحفاظ على موارد المؤسسة.
- تخصيص مبلغ في الموازنة لحالات لطوارئ، مثل تعطل الموارد أو نفقات مفاجئة.
- الدخول في شراكة مع التجار المهمين
- الاتفاق مع منظمات هامة وجيدة، للحصول على رعاية ذات كفاءة عالية.
بالرغم من أن الخبراء الماليين في المؤسسة الرياضية هم من يقومون بوضع الموازنة والاستراتيجيات والخطط، ومعنيين بتقديم المشورة حول القرارات الجيدة للمؤسسة وفق الاحتمالات والاتجاهات، إلا أنهم ليس لهم دور في تنفيذ الخطط على أرض الواقع.
إعداد التقارير والتحليل للمؤسسة الرياضية
يحلل الخبراء الماليين في الرياضة معدل الإنفاق ومدى تأثيره على المؤسسة الرياضية، هذه التحليلات تستخدمها المؤسسة لتكون مرجع لها بحيث يمكنها تعديل مسارها في أي وقت وفق الموازنة، كما يمكن أن يتقدموا باقتراحات وحلول لخفض معدل الخسائر وخفض معدل الانفاق بشكل متواصل.
أيضاً من الضروري أن يحتفظ المديرين الماليين في المؤسسة الرياضية بسجلات دقيقة وتفصيلية، عبر استخدام أداة متطورة ودقيقة، حتى يمكن الرجوع لهذه السجلات لوضع توقعات مستقبلية مالية، ولجعل الميزانية أكثر دقة، وتحليل الإخفاقات والانتصارات السابقة، حتى يمكن الاستفادة منها في المستقبل في قرارات المؤسسة.
كما سيحتاج المديرين الماليين للرجوع إلى التقارير المالية لضرائب الأعمال، والتي قد تكون معقدة بعض الشيء ومتداخلة، مثل إمكانية استخدام أموال دافعي الضرائب لتمويل جزء من الرياضات الخاصة بالهواة، وهذا سيؤثر في تحديد الميزانية بشكل ما، وربما تختلف احتياجات إعداد التقارير الخاصة بتمويل الرياضة وفق قوانين البلد التي بها المؤسسة، وأيضاً بحسب طبيعة المؤسسة والرابطة التابعة لها.
غالباً تستخدم التقارير المالية والتحليلات في القطاع الرياضي، لإعداد الموازنات القصيرة والبعيدة المدى، بحيث تعطي الخبراء الماليين رؤية واضحة طويلة الأجل حول معدل النمو، ويشمل هذا التوسعات في المكان والتجديد في معدات التدريب، بخلاف هذا إعداد التقارير يساعد المنظمات الرياضية على وضع توقع جيد لما قد تتمكن من تحقيقه من أهدافها وتحديد معدل زمني لتحقيق ذلك.
أمور أخرى لها أهمية في موارد المؤسسات الرياضية
هناك عوامل أخرى ومتنوعة، قد يحتاج المديرين الماليين في المنظمة الرياضية، لدراسة دورها في تمويل المؤسسة، وأفضل طريقة للاستفادة منها في دعم موازنة المؤسسة بحسب نوع العمل الرياضي الذي تقدمه، ومن هذه العوامل ما يلي:
- إجراء سحوبات: ربما تلجأ بعض المؤسسات الرياضية المحدودة إلى إجراء بعض السحوبات لتوفير مصدر تمويل لها، بينما تعتبر هذه السحوبات التي تعتبر شكلاً من أشكال المقامرة، عامل مهم وأساسي تستخدمه المؤسسات الرياضية الكبيرة في الولايات المتحدة لدعم مواردها.
- الاستفادة من البث: حقق الكثير من الأندية الرياضية دخل جيد من حقوق البث، سواء كان عبر التلفاز أو الراديو، وهذا يتطلب عقد اتفاقات مع وسائل الإعلام المرئي والمسموع.
- المراهنات الرياضية: قد تستخدم الأندية حقوق الرعاية التي تقدمها شركات المراهنات الرياضية في تحقيق دخل مالي كبير في ظل تزايد الإقبال على المراهنات الرياضية اون لاين في جميع انحاء العالم، والتي بدا واضحا في تزايد المراهنات الرياضية على الإنترنت في الشرق الأوسط لما تجده الرياضة في هذه الدول من اهتمام متنامي، خاصة في دول الخليج العربي.
- التسويق والبيع: يمكن للمؤسسات الرياضية أن تعقد شراكات مع تجار تجزئة وبعض الشركات المصنعة للملابس الرياضية والأدوات الرياضية، حتى يتمكن النادي من بيع السلع خارج محيط المؤسسة.
مما سبق نستنتج أن الكثير من المجالات تتداخل في نطاق عمل الإدارة المالية الرياضية، وعلى من يفكر في هذا العمل، أن يعرف جيداً طريقة وضع الميزانيات ومصادر دعمها وكيفية الحد من الانفاق لمصلحة المؤسسة الرياضية، وكيفية التخطيط ووضع التوقعات وفق ما سبق من سجلات الموارد والنفقات. أي بالمختصر المفيد كيفية التعامل المالي في المؤسسات الرياضية.