عرضت وسائل الإعلام الأفغانية مجموعة من اللقطات تعود لمواطنين أفغان ينتشلون جثث مجموعة من الأشخاص الذي سقطوا فوق المنازل بعد تمسكهم بإطارات الطائرة الأمريكية التي أقلعت من مطار كابول الدولي في العاصمة الأفغانية.
كما وتداولت وسائل إعلام محلية بعض من مقاطع الفيديو التي أظهرت تشبث مجموعة من المواطنين الأفغانيين بعجلات الطائرات الأمريكية العسكرية أثناء إقلاعها من مطار العاصمة (كابول).
وتداول ناشطون مجموعة من مقاطع الفيديو التي تظهر المئات من الشبان الأفغان يحاولون اللحاق بالطائرات الأمريكية التي تستعد للإقلاع من المدرجات، بينما يتثبت البعض منهم بعجلاتها، وبث آخرون مقطع فيديو يظهر فيه راكب على إحدى الطائرات العسكرية الأمريكية يحاول رفع شخص أخر إلى باب الطائرة المفتوح، كما وتمكن مجموعة من الأشخاص على الأرض من رفع شخص للصعود لباب الطائرة أثناء تحركها.
طالبان تعلق على سقوط الأفغان من الطائرات الأمريكية
أعرب المتحدث باسم المكتب السياسي لحركة طالبان “محمد نعيم” عن استياءه الشديد لمحاولة أعداد كبيرة من الأفغان قدرت بالآلاف للفرار، وسقوط البعض منهم من الطائرات الأمريكية في مطار العاصمة الأفغانية “كابول”.
في تصريح للمتحدث باسم المكتب السياسي للحركة، حمّل “محمد نعيم” الأمريكان وحلفائها مسؤولية مقتل الأفغان، كما وأشار نعيم على أن الأمريكيين هم من حرضوا الأفغان على الفرار من العاصمة بعدما أعلنوا عن نيتهم نقل من عملوا معهم لفترة طويلة.
كما وصرح نعيم قائلاً، بأن المطار يقع تحت سيطرة الأمريكان، وهذا دليل كافِ على أن من دعاهم وحرضهم على الفرار من البلاد هم الأمريكان، وليس حركة طالبان.
وأكد نعيم على أن طالبان كانت قد أرسلت رسالة للأمريكان في بيان لها صادر من القيادة العليا، وتنص الرسالة على أنه في حال أراد الأمريكان الانسحاب من البلاد، فلن يقف أحد في طريقهم، وأشار نعيم على أن الحركة قاتلت الأمريكان لمدة 20 عام، وفيما يتعلق بأبناء الوطن، قال نعيم على أن جميع الأفغان جسد واحد، وشعب واحد، وأخوة شركاء في الوطن، وأضاف بأن الحركة أرسلت رسائل مطمئنة للأفغان، ولمن عملوا مع الأمريكان، وللمترجمين، وغيرهم، لتهنئتهم بعيد الأضحى المبارك الماضي.
هذا وأجاب نعيم على سؤال أحد الصحفيين الذي سألوه عن أولئك الذين تجمعوا في المطار، قائلاً، بأن الحركة لا تعلم من هؤلاء الأشخاص، ولكنه أكد على أن هناك أخبار منتشرة، فحواها بأن الأمريكان يحرضون على نقل من عملوا معهم طيلة الـ20 عام.
شوارع عاصمة أفغانستان خاوية والمطار يشهد حال تكدس غير مسبوقة
وفقاً لما نقلته وكالة “رويترز” من مقاطع فيديو لبعض شوارع العاصمة ولمطار “كابول” في العاصمة الأفغانية، ظهرت معظم شوارع العاصمة وكأنها مهجورة، خاصة بعدما أعلنت حركة “طالبان” سيطرتها الكاملة على جميع مرافق العاصمة الأفغانية دون قتال، كما وأظهرت مجموعة من مقاطع الفيديو على وسائل الإعلام المحلية ومنصات التواصل الاجتماعي حالات فرار الآلاف من المواطنين الأفغان نحو المطارات، في ظل سماع أصوات أعيرة نارية كثيفة.
وبحسب وكالة “رويترز”، أكدت على أن قوات الجيش الأمريكي تعمل على تأمين المطار من جميع الأنحاء في محاولة لإجلاء جميع الدبلوماسيين الأجانب، وموظفي السفارة، وغيرهم، ومن وقت لآخر، سُمع دوي أعيرة نارية بشكل كثيف من طرف الجانب الأمريكي في محاولة منهم لتفريق المواطنين وردعهم أثناء محاولة ركوب الطائرات الأمريكية والفرار من البلاد.
وبحسب ما أردفه مسؤول أمريكي لوكالة “رويترز”، أكد على أن الهدف من إطلاق النار كان من أجل تفريق الحشد وذلك بعدما خرجت الأمور عن السيطرة.
هذا وقد بدَت معظم شوارع العاصمة خالية تماماً من السكان، كما وكانت منطقة “وزير أكبر خان” وهي المنطقة التي يوجد به تجمع للسفارات الأجنبية منطقة أشباح في ظل فرار معظم الدبلوماسيين وعوائلهم لمطار العاصمة استعداداً لمغادرة البلاد.
صاحب مخبز يشكي الحال… ويتساءل هل سيعود الحال كما كان؟
صرح “جول حكيم” صاحب المخبز الشهير في العاصمة لوسائل الإعلام المحلية قائلاً، أن البلاد تبدو وكأنها مدينة أشباح، لن يكون هناك مواكب دبلوماسية كبيرة كما كان في السابق، وأكد جول على أنه سيستمر في صناعة الخبر، على الرغم من العائد المادي القليل، كما أنه أشار إلى أن حراس الأمن في السفارات كانوا من أعز أصدقائه، وعبر عن حزنه الشديد لمغادرتهم.
وحاله كحال الكثيرين من أهل المدينة، حيث أضاف جول بأنه سأل زوجته عما إذا كان لديها ما يكفي من غطاء الرأس والوجه (البرقع) لها ولبناته.
يُذكر أنه خلال فترة حكم حركة “طالبان”، منذ عام 1996 حتى عام 2001، كان فرضاً على النساء ارتداء البرقع، ولم يكن مسموحاً للرجال بقص لحيتهم.
حالة من الإغلاق خيمت على شوارع العاصمة، وكان النصيب الأكبر لشارع “تشيكن” التجاري، فالعديد من المحال التجارية والمقاهي والمطاعم أغلقت أبوابها، في حين اضطر أصحاب بعض المحال التجارية للنوم داخل منشآتهم لحمايتها.
كما وأعرب صاحب منشأة تجارية عن صدمته بعدما أعلنت حركة “طالبان” سيطرتها على العاصمة، وأشار إلى أن فرار رئيس البلاد “أشرف غني” وتخليه عن أبناء شعبة أمراً سيئ جداً.
اقتصاد هش… وحالة من عدم الاستقرار تعيشها افغانستان
في محاولة من حركة “طالبان” لتأسيس حكمها في البلاد، وبعد أن أعلنت سيطرتها على العاصمة “كابول”، يتساءل الخبراء وبعض المقربين من الحركة، حول إمكانية الحركة من استغلال الموارد المتاحة وإدارة ملف اقتصاد البلاد الضعيف.
يعيش في أفغانستان حوالي 35 مليون نسمة، وتحتل المركز 173 في قائمة أقوى اقتصادات العالم الذي تضم حوالي 190 دولة، وفي ظل تفشى جائحة كوفيد-19، تعاني البلاد من وضع اقتصادي صعب للغاية، وتعتمد بشكل كبير على المساعدات الخارجية.
ووفقاً لآخر تقرير نشره البنك الدولي، أكد على أن أفغانستان تعاني من اقتصاد هش للغاية، مؤكداً على أن البلاد تعتمد بشكل أساسي على المساعدات الخارجية من دول “الناتو”، كما وأكد التقرير على أن القطاع الخاص أيضاً يبدو ضعيفاً للغاية.
وحذر صندوق النقد الدولي من حالة عدم الاستقرار التي تعيشها البلاد، خاصة بعدما سيطرت حركة “طالبان” على معظم المدن والمؤسسات، وأكد الصندوق على أن الإمكانات الاقتصادية المتوفرة في الوقت الحالي على وشك الانهيار، كما وتوقع الصندوق أن معظم منشآت الدولة وقدراتها التعليمية، والصحية، واللوجستية سوف تنهار خلال عام واحد أو أقل.
وأكد المختص الاقتصادي “جمالي برامدار”، على أن ميزانية الحكومة كان تعتمد بشكل أساسي على المساعدات الخارجية من دول التحالف، وعلى تدفق المهاجرين ودعمهم لأقربائهم، ومن المحتمل أن ينهار اقتصادها خلال وقت قصير جداً في ظل سيطرة الحركة على الدولة.