بعد أن أقر البنك المركزي النيجيري قرارًا بحظر العمل بالعملات الرقمية المشفرة على المؤسسات المالية مبررًا قراره بأنها تشكل خطرًا على نظام الدولة المالي، أصدر يوم الاثنين المنصرم عملة “eNaira” الرقمية لبلاده للتعامل بها، علمًا بأنها ستغدو العملة الرقمية الأولى في أفريقيا.
ووفقًا لما ذكرته وكالة “France Press“، أشارت إلى أن البنك المركزي سيدعم العملة الرقمية متبنيًا أكبر اقتصادًا في القارة السمراء، ومؤكدًا على أن العملة الرقمية ستلقى رواجًا شعبيًا ومحليًا جنبًا إلى جنب مع العملات الرقمية المشفرة والأموال الافتراضية.
كما ونشر البنك المركزي النيجيري بيان خاص به عبر حسابه الخاص على منصة “Facebook“، قائلًا بأن عملة “eNaira” الرقمية طرحت بأن تم اتخاذ قرارًا بمنع المؤسسات المالية والمصارف من التعامل بالعملات الرقمية والأموال الافتراضية أو تسهيل معاملاتهم، وأشار إلى أنه هذا العمل ما هو إلا هدية بعد سنوات طويلة من الأعمال البحثية.
ما الهدف من طرح البنك المركزي لعملة “eNaira“؟
أوضح البنك المركزي في بيان له نشره عبر حسابه على منصة التواصل الاجتماعي “Facebook“، أن الهدف الكامن وراء طرح العملة الرقمية “eNaira“، هو العمل على رفع معدل إجمالي الناتج المحلي، وزيادة المعاملات المالية لصالح الدولة النيجيرية، كما ويراهن البنك على الانضمام للقوائم المالية المتزايدة من الأسواق الناشئة للعملات الرقمية من أجل خفض تكاليف الحوالات المالية، والعمل على تشجيع المشاركة في نظام الدولة الرسمي.
وفي خطاب متلفز، صرح الرئيس “محمد بخاري” في مدينة “أبوجا” العاصمة الأبدية لنيجيريا، قال بأن دولته غدت أول دولة في القارة السوداء، واحد الدول الأولى في العالم التي تقدم لشعبها عملية رقمية مشفرة، وأكد بخاري على أن استخدام العملة الرقمية واعتمادها في البنوك والمؤسسات المالية وتعزيز استخدام التقنية التي تعمل بها والتي يطلق عليها اسم “بلوكتشين”، سوف يعمل على رفع معدل إجمالي الناتج المحلي للدولة والبالغ “29” مليار دولار على مدار عقد قادم من الزمن.
هل سيزدهر الناتج الإجمالي المحلي؟
وفقًا لتوقعات “صندوق النقد الدولي”، فإنه من المتوقع أن يبلغ الناتج الإجمالي المحلي للدولة النيجيرية في نهاية العام الحالي حوالي 450 مليار دولار، وبحسب ما صرح به “غودين إميفيلي” (محافظ البنك المركزي)، قال أنه منذ اللحظة الأولى لطرح منصة العملة الرقمية “eNaira“، استقطبت أكثر من 2 ونصف مليون زيارة في اليوم الواحد، إضافة لإندماج أكثر من 30 بنكًا في المنصة، وسك أكثر مليون وربع دولار أمريكي بنجاح، وانضمام أكثر من 200 ألف عميل.
ووفقًا لما أشار إليه الرئيس النيجيري، “محمد بخاري”، فإن الابتكار الجديد للعملة الرقمية وإدخالها للمؤسسات المالية وتعزيز العمل بها من قبل البنوك سيعمل على تعزيز نمو البلاد الاقتصادي، وسيزيد من حدة النشاطات الاقتصادية التي بدورها ستعمل على جعل سياسات النقد فعالة وذات كفاءة أكبر، فضلًا عن ارتفاع نسب التحويلات المالية وتحسين عملية الشمول المالية، وأضاف من المؤكد أن العملات الرقمية ستصبح جزءً من حياة الأفراد والشركات، وستساعد في نقلهم من القطاعات غير الرسمية للقطاعات الرسمية، وبالتالي سيعمل ذلك على رفع قاعدة البلاد الضريبية.
“Naira” و “eNaira” عملة واحد بنفس القيمة
بالنسبة للبنك المركزي و “CBDCs“، فإن العملة الرقمية “eNaira” والعملة المحلية “Naira” هما عملة وطنية، على عكس العملات الرقمية الأخرى، كالبيتكوين، أو الإيثر، أو الريبل التي لا ترتبط بأي عملات ورقية أخرى، ومن المرجح أن تسند العملة الرقمية تلك العملة المحلية التي شهدت تراجعًا خلال العام بمعدل 5.6% على الرغم من الجهود الجبارة التي بذلت للحفاظ على استقرارها.
وبحسب ما صرح به “إميفيلي” ( محافظ البنك المركزي) قال، بأن كلتا العملتان سيكون لهما نفس القيمة المادية، فضلًا عن أنهم سيتبادلان وبشكل دائم بنفس السعر، واحد “Naira” تساوي واحد “eNaira“.
ومن المرجح أن تعمل العملة الرقمية على تشجيع الجانب التجاري عبر الحدود والمعاملات المالية الشمولية، إضافة لجعلها أكثر شفافية وكفاءة، وتعزيز السياسات النقدية للدولة، بحسب ما أكده البنك المركزي.
عمل البنك المركزي بالشراكة مع “bitt Inc.” التقنية لشغل منصب الشريك التقني لإنشاء عملة “eNaira“، وبذلك تصبح نيجيريا أولى الولايات القضائية والدول الأفريقية التي تطرح عملتها الرقمية الوطنية، وتنضم بذلك للبنك المركزي لشرق جزر الكاريبي وجزر البهاما، ويذكر بأن هناك دول أفريقية أخرى كغانا وبعض دول جنوب إفريقيا تحاول اختبار الشكل الرقمي للعقود القانونية الخاصة بها من أجل تسريع وخفض ثمن المعاملات المالية، ولكن بحذر شديد حتى لا تفقد سيطرتها على النظام النقدي الذي تعمل به.
اهتمام البنوك المركزية بالعملات الرقمية
من الجلي أن هناك اهتمامات بالغة من قبل البنوك المركزية للتعامل بالعملات الرقمية، وقد أشار بنك “التسويات” الدولية إلى مدى أهمية التعاون لتحقيق ما يسمى “قابلية التشغيل البينية” المخصصة للمشاريع الرقمية والعملات المشفرة والمعاملات المرقمنة، والتي بدورها سوف تفتح الأبواب على مصراعيها أمام أعمال البنوك المركزية في ظل تطور عمل العملات المشفرة والافتراضية، وأكد أيضًا على أن هناك دول كبرى بدأت العمل لاتخاذ خطوات مماثلة لنيجيريا، كالهند، وباكستان، إضافة إلى أن البنك الياباني المركزي أصبح يعمل لإجراء تجارب وأبحاث لدراسة مدى الفائدة التي قد تحققها بلاده بعد إصدار عملته الخاصة الرقمية، كما وأعلنت الحكومة البريطانية أن تدرس إمكانية إصدار عملة رقمية خاصة بها تحت مسمى “بريتكوين”، كذلك الحال تدرس دول الاتحاد الأوروبي أيضًا احتمالية إصدار عملة “يورو رقمية” وستكون مدعومة من قبل كبرى الدول الأوروبية.
عملة النيرا النيجيرية
نيجيريا- تمامًا كباقي الدول الأفريقية قبعت تحت سيطرة الاحتلال الأوروبي، فكانت في عام 1914 دولة محتلة لبريطانيا، وكان يطلق عليها بالمحمية النيجيرية حينها، وبعد أن تم توطيد العلاقات الانجليزية في “لاجوس”، تم طرح أول عملة في البلاد وتم بالفعل تداولها بين المواطنين وسميت حينها بالريني البريطاني، ومن ثم تم تدشين عملة “البنس” البريطاني، ومع مرور الوقت أصبحت العملة النيجيرية تسمى بـ “شيلين” الملكة اليزابيث، واستمرت حتى عام 1973.
عمل البنك النيجيري الوطني في عام 1973 على طرح عملات معدنية أطلق عليها حينها اسم “كوبو نيجيري”، وتم صك العملة بأشكال دائرية وشبه دائرية وبزوايا مختلفة، وبدأت تلك العملة بفئات من “نصف كوبو” مصنوعة من سبائك البرونز، وكانت أحجامها تصل لـ 3 جرام ونصف، ومطبوع عليها شعار الدولة، وبعد فترة من الوقت، تطورت العملة المعدنية، فأصبح هناك الصف، والخمسة، والعشرة، والواحد كوبو، وكل منهم مصنوع من البرونز.
وبعد فترة من الزمن، وتحديدًا في عام 1991، تم إصدار عملة “النيرة” التي يتم حاليًا التعامل بها في البلاد النيجيرية، وتمثل النيرة الواحد حوالي 100 كوبو، فضلًا عن صك قطعة معدنية من فئة “50 كوبو”، والتي تعادل النصف نيرة، وكذلك الحال تم صك فئة “25 كوبو” والتي تعادل ربع نيرة، كما وتطورت فئات النيرة وخاماتها في الطباعة وعمليات الصك، ويبلغ الحد الأعلى للعملات النيجيرية في البلاد 1000 نيرة.